Saturday, April 08, 2006

The best news story in Jordan 2003

i wrote this news story on 15th of March 2003 just 6 days before USA invaded Iraq and in 2004 it was selected to be the best news story written in 2003 by the King Hussein Journalism Award committe.



على الحدود العراقية
بعد شائعات عن إغلاق المدينة ووجود قوات أميركية فيها
الرويشد.. الحقيقة الكاملة

لم تكن زيارتنا لبلدة الرويشد على الحدود الأردنية العراقية من قبيل الصدفة بل جاءت بعد ان سرت في الأردن وفي الخارج شائعات عن إغلاق المدينة أمام الحركة وعن تواجد امني وعسكري كبير استعداداً لحرب محتملة ضد العراق.
الإشاعات هذه ربما لا تدفع الى المغامرة بزيارة الرويشد لكن إشاعات أخرى عن وجود قوات أميركية وبريطانية في المنطقة تستعد لدخول العراق من الجبهة الغربية كانت دافعاً لنا للمغامرة وزيارة الرويشد والتحقق من ذلك حتى لو اضطررنا للتخفي للوصول الى الحقيقة التي حتماً لا ترضي الكثيرين.
استعدينا للزيارة وجهزنا الأسباب والمبررات التي سنسوقها للحواجز الأمنية المفترضة حتى نتمكن من التسلل الى الرويشد.. روايات نسجناها بعضها أننا سائحون وبعضها أننا دروع بشرية وليس آخرها أننا نريد السفر الى بغداد لكننا لم نُسأل عن روايات خيالنا هذه إذ لا احد يسأل ولا احد يستوقف اللهم إلا دورية شرطة طلبت بطاقاتنا الصحفية بعد ان انهينا مهمة التقصي والتحقق والبحث في الرويشد..
الرحلة بدأت من هنا..
الرحلة عبر الطريق الدولي من عمان الى الرويشد بساعاتها الأربعة وبمسافتها البالغة نحو 350 كيلومتراً كانت عادية قبل أسابيع معدودة ولا تثير أي اهتمام, إذ ان آلاف الأشخاص يعبرونها يومياً جيئة وذهاباً, لكن لهذه الرحلة معنى آخر وظروفاً أخرى إذا كنت صحفياً و إذا كانت زيارتك للقرية الأردنية القريبة من الحدود العراقية في هذا الوقت بالذات.
كل شيء أصبح مهماً في الرويشد وهدفاً لعدسات مصوري الوكالات الصحفية والتلفزيونية الأجنبية والعربية والمحلية على السواء لما ينتظر هذه المدينة من دور حيوي إذا ما شنت الولايات المتحدة الأميركية حرباً باتت وشيكة على العراق.
الرحلة انطلقت في الثامنة والنصف صباحاً من فندق حياة عمان حيث معظم نزلائه هذه الأيام من الصحفيين الأميركيين والغربيين, الرفاق كانوا صحفيين من كبريات الصحف الأميركية واسعة الانتشار أرادوا الذهاب الى هناك بعضهم يبحث عن المعلومة الجديدة ليرضي نهم قرائه ويكسب رضا رؤسائه والبعض الآخر يبحث عن بيت يستأجره قريباً من العراق في حال الحرب فيما آخرون يريدون سبر غور المنطقة ومعرفة تفاصيلها ربما في زيارة هي الأخيرة قبل بدء المعارك.
وخلال الساعات الأربعة من رحلة الذهاب كان الحديث.. كيف ستكون الرويشد? وكيف ستستقبل الحرب واللاجئين المتوقع تدفقهم إليها إضافة الى الحديث عن احتمالات الحرب واللاحرب.. الصحفيون الأميركيون يجزمون ليس فقط بحتمية الحرب بل بقربها وبأنها ستقع في غضون عشرة أيام الى أسبوعين على أكثر تقدير.
الحديث تناول أيضا الموقف الأردني الرافض لاستخدام أراضيه منطلقاً لعدوان على العراق وحسابات الربح والخسارة في هذا الجانب وكيف سيتدبر الأردن أمره إذا ما نزح آلاف اللاجئين العراقيين إليه هرباً من شظايا القنابل ومعهم رعايا أجانب يقدرون بخمسين ألفا لن يجدوا لهم طريقاً سوى الى الأردن ذلك ان الحدود العراقية مع الدول المجاورة الأخرى ستكون ساحات قتال وجبهات أميركية وعربية وتركية.
الصحفيون الأميركيون وشيحان توقفوا في الطريق عند قصر عمرة وتحدثوا عن الحضارة الإسلامية التي يريد جورج بوش تدميرها في العراق. في الطريق معظم السيارات المارة هي صهاريج نفط تنقل البترول العراقي بمعدل ]5[ آلاف طن يومياً الى الأردن وشاحنات تنقل الغذاء والدواء من العقبة الى بغداد في إطار برنامج النفط مقابل الغذاء وهي حركة قد تتوقف إذا ما بدأت الحرب لتتعطل نحو ]5[ آلاف سيارة شحن أردنية ومثلها عراقية عن استخدام الطريق الذي قد يكون هدفاً لقنابل طائرات الولايات المتحدة الأميركية.
الظروف الطارئة والاستعدادات للأسوأ تبدأ ملامحها بالظهور للعيان بعد الصفاوي حيث الحواجز الامنية التي يتم تجهيزها لكنها لا توقف المارة حتى الآن ويتوقع ان يتم تفعيلها قريباً إذ تقول مصادر ان حرية الدخول الى الرويشد ستكون مقتصرة على حاملي البطاقات المؤقتة والتصاريح القانونية.
وعلى امتداد 130 كيلومتراً ما بين الصفاوي أو H-5و الرويشد H-4 كان الصمت مخيماً على الطريق حيث لا اثر لوجود حياة سوى الصخور السوداء التي تغطي سطح الأرض المنبسطة والتي تخفي تحتها تراباً خالصاً.
هذا الصمت لم يقطعه سوى أزيز طائرتي F-16 أردنيتين كانتا تمسحان المنطقة ذهاباً وإيابا من مطار الرويشد الى الصفاوي ربما استعداداً لقادم الأيام وتسيير دوريات متواصلة لمنع اختراق الأجواء الأردنية خاصة وأن هذا الصنف من الطائرات هو اعتراضي بالدرجة الأولى وليس هجومياً.
في الرويشد.. حياة مختلفة يعيشها الأهالي الآن تكاد أشبه ما تكون بحياتهم قبل 13 عاماً إبان حرب الخليج الثانية حسبما يقول بعض الأهالي التقتهم شيحان هناك في وقت لا يلقي فيه كثيرون أي اهتمام لما يجري.
هناك على الجهة اليمنى من الطريق الذاهب الى بغداد عدة مطاعم للوجبات السريعة مليئة بالزوار ومعظمهم من الأجانب الذين يقيم بعضهم هناك فيما الآخرون إما أنهم قادمون من العراق أو متجهون إليه.. العمال في المطعم عراقيون - يقول أنور الذي قدم من العراق منذ عدة سنوات ويعمل في هذا المطعم: لا, ليس صحيحاً أن الأزمة حرّكت البلد.. بالعكس كنا نبيع أكثر في السابق أما اليوم فلا يوجد شيء.. لكن هذا الكلام تنفيه حركة الدخول والخروج من والى المطعم.
في قرية الرويشد مظاهر الاستعداد للحرب كثيرة فالشرطة والحكام الإداريون المحليون يسيرون دوريات متواصلة في أزقة المدينة وبين بيوتها المهترئة التي أصبحت ذات أهمية.. هناك على الشارع الرئيسي ورشات التشطيب والبناء مستمرة للانتهاء قبل فوات الأوان فيما انتشرت حول المدينة بيوت الشعر والخيم المؤقتة التي يسكنها أناس تركوا بيوتهم لتأجيرها وكسب فرصة العمر.
حركة نشطة في الرويشد.. خمسة صحفيين من الذين رافقونا استأجروا بيتاً متواضعاً بـ 750 ديناراً أردنيا في الشهر ووقعوا عقداً مع صاحب البيت الذي هو من الرمثا بلا تردد بل وأعطوه دفعة على الحساب مقدارها مائتا دينار على ان يدفع الباقي يوم 15 آذار الحالي موعد نفاد العقد.
الصحفيون استأجروا هذا البيت لأن ما تسمى الفنادق والتي كانت ملاذاً للعصافير خلال سنوات خلت تم تجهيزها بأثاث متواضع ويطلب أصحابها 150 دولاراً للغرفة في الليلة الواحدة فيما لا تتجاوز أجرة الليلة الواحدة في أرقى فنادق عمان مئة دولار. ورغم هذا السعر إلا ان الفندق الرئيسي في القرية تم حجزه كاملاً لشبكات التلفزة الأميركية.
في مطعم آخر كانت الصالة ملأى بالرواد كان منهم امرأتان ورجل من الدروع البشرية العائدين من بغداد بعد ان حاولوا إظهار تضامنهم مع الشعب العراقي.
أنا حزينة على الحضارة البشرية العريقة التي ستدمر.. تقول جوديك كاربوفا أميركية من ولاية نيوجرسي خرجت للتو من العراق وتضيف أهذه الكنوز التي سيهدمها بوش جئنا في محاولة للتعبير عن دعمنا لها وللحضارة.. نحن ضد الحرب لكنها لم تقل لماذا خرجت من العراق عندما اقتربت الحرب..
هذا على الجانب الشعبي أما على الجانب الأمني والإشاعات التي ملأت الدنيا.. لم تجد شيحان مثلما لم يجد الصحفيون الأميركيون أي جندي أميركي ليس في الرويشد وحدها بل على امتداد الطريق من عمان الى الرويشد رغم ان هذا الطريق يمر بمحاذاة قواعد لسلاح الجو وقواعد للجيش في أكثر من منطقة.. لا وجود للأميركيين إلا إذا كانوا غير مرئيين بتكنولوجيا أميركية حديثة.
لا سيارات أميركية عسكرية على طول الطريق ولا في الرويشد مثلما لا طائرات ولا دبابات.. ليس هذا ما نقوله بل ما قاله الصحفيون الأميركيون الذين سألوا كل من قابلوا عن هذا السؤال فكانت الإجابة لم نر أحدا.. والرويشد غير مغلقة ولم يعترض طريقنا احد بل ان ما قاله متصرف الرويشد لنا بعد ان استوقفتنا دورية شرطة التسهيل مهمتكم أنصحكم بمراجعة وزارة الإعلام قبل المجيء هنا.. نحن نعمل لمساعدتكم..
أما على الجانب الحكومي فالاستعدادات على قدم وساق.. الإجازات تم تقليلها الى أدنى حد والعمل متواصل بطاقة قصوى في سباق مع الزمن.. الفريق الحكومي الذي سيتولى إدارة الأزمات أطلق عليه الأيادي البيضاء في إشارة الى الجهود الإنسانية التي سيبذلها الأعضاء الكثر..
يقول احد أبناء القرية انه قبل أيام تم إجراء تمرين وهمي لفريق الأيادي البيضاء ليعرف كل فرد ما هو الدور المطلوب منه بعد ساعة الصفر.. الجميع تدرب وأتقن دوره كاملاً..
في المنطقة الواقعة بين الرويشد القرية والحدود مع العراق سيقام مخيمان لاستيعاب اللاجئين المحتملين وتم تجهيز آبار ارتوازية قريبة لنقل المياه الى هناك الى منطقة لا ماء فيها ولا خضرة.. الخيم والبطانيات والأثاث اللازم ومقومات الحياة غير موجودة في الرويشد على الإطلاق.. لا تزال مخزنة في العقبة وفي عمان وفي مستودعات المنظمات الإنسانية وفي المناطق الحرة..
سألنا بواضح العبارة: لماذا لا توجد أي آثار أو تجهيزات مادية للمخيمات في تلك المنطقة رغم ان أكثر التقارير تفاؤلاً تقول ان الحرب باتت وشيكة فكانت الإجابة منطقية إذا وقعت الحرب فعلاً فسيحتاج اللاجئون يومين أو ثلاثة أيام على الأقل للوصول الى الرويشد من اقرب المدن العراقية.. وفي هذين اليومين أو الثلاثة ستكون المخيمات وتجهيزاتها قد وضعت في مكانها وباتت جاهزة.. رأي آخر يقول ان المنظمات الإنسانية والاغاثية سيتم إبلاغها فيما يبدو قبل 48 ساعة من بدء الحرب لتمكينها من مواجهة أي طوارئ محتملة..
فريق الأيادي البيضاء الذي يضم ممثلين عن كافة أجهزة الدولة والمنظمات الإنسانية العاملة في الأردن يتوقع ان يكون مقره هنا في الرويشد إذا ما اندلعت الحرب.. الرويشد ستكون فيما يبدو منطقة مغلقة أمام الأردنيين احتمال كبير ومرجح وسيدخلها فقط حاملو التصاريح التي بدأت فعلاً وزارة الإعلام بإصدارها للصحفيين الأجانب والعرب لتسهيل مهمتهم هناك.
رحلة العودة من الرويشد الى عمان عبر الطريق ذاته المظلم هذه المرة بسبب الليل كانت مختلفة.. لا أحاديث عن الحرب بل عن الوضع في الأردن كيف يعيش الأردنيون وما هي حقوق المرأة الأردنية وواجباتها والى أي مدى تتمتع بالحرية إضافة الى دورها في الحياة الاجتماعية والسياسية وحديث بعض الشيء عن المرأة الأفغانية خاصة وأن احد الصحفيين الأميركيين غطى الحرب الأميركية في أفغانستان لصحيفته مثلما غطى ثلاثة أشهر من الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
ما يمكن قوله ان رويشد اليوم ليست برويشد قبل اسبوعين وهي ربما ستكون غير رويشد بعد اسبوعين..

Ps
• رويشد هي قرية أردنية على الحدود مع العراق

1 comment:

Anonymous said...

نحن مجموعة من المتطوعين وبدء مبادرة جديدة العلامة التجارية في المجتمع. زودت مدونتك الإلكترونية لنا معلومات قيمة للعمل بها. لقد قمتم بعمل رائع!